(1) -

وَأَمَرَهَا أَنْ تَدْخُلَ عَلَى الْمَلِكِ وَتَتَوَسَّلَ إِلَيْهِ لأَجْلِ شَعْبِهَا وَأَرْضِهَا،

(2) -

وَقَالَ: «اذْكُرِي أَيَّامَ مَذَلَّتِكِ حَيْثُ نَشَأْتِ عَلَى يَدِي. فَإِنَّ هَامَانَ ثُنْيَانَ الْمَلِكِ قَدْ تَكَلَّمَ فِي إِهْلاَكِنَا،

(3) -

فَادْعِي الرَّبَّ، وَكَلِّمِي الْمَلِكَ فِي أَمْرِنَا. وَخَلِّصِينَا مِنَ الْمَوْتِ».

(4) -

ثُمَّ إِنَّهَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ نَزَعَتْ ثِيَابَ حِدَادِهَا، وَلَبِسَتْ مَلاَبِسَ مَجْدِهَا.

(5) -

وَلَمَّا تَبَرَّجَتْ بِبِزَّةِ الْمُلْكِ وَدَعَتْ مُدَبِّرَ وَمُخَلِّصَ الْجَمِيعِ اللهَ اتَّخَذَتْ لَهَا جَارِيَتَيْنِ،

(6) -

فَكَانَتْ تَسْتَنِدُ إِلَى إِحْدَاهُمَا كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَسْتَقِلَّ لِكَثْرَةِ تَرَفِهَا وَرُخُوصَتِهَا،

(7) -

وَالْجَارِيَةُ الأُخْرَى كَانَتْ تَتْبَعُ مَوْلاَتَهَا رَافِعَةً أَذْيَالَهَا الْمُنْسَحِبَةَ عَلَى الأَرْضِ.

(8) -

وَكَانَ احْمِرَارُ وَجْهِهَا وَجَمَالُ عَيْنَيْهَا وَلَمَعَانُهُمَا يُخْفِي كَآبَةَ نَفْسِهَا الْمُنْقَبِضَةِ بِشِدَّةِ خَوْفِهَا.

(9) -

فَدَخَلَتْ كُلَّ الأَبْوَابِ بَابًا بَابًا ثُمَّ وَقَفَتْ قُبَالَةَ الْمَلِكِ، حَيْثُ كَانَ جَالِسًا عَلَى عَرْشِ مُلْكِهِ بِلِبَاسِ الْمُلْكِ مُزَيَّنًا بِالذَّهَبِ وَالْجَوَاهِرِ، وَمَنْظَرُهُ رَهِيبٌ.

(10) -

فَلَمَّا رَفَعَ وَجْهَهُ وَلاَحَ مِنِ اتِّقَادِ عَيْنَيْهِ غَضَبُ صَدْرِهِ، سَقَطَتِ الْمَلِكَةُ، وَاسْتَحَالَ لَوْنُ وَجْهِهَا إِلَى صُفْرَةٍ، وَأَتْكَأَتْ رَأْسَهَا عَلَى الْجَارِيَةِ اسْتِرْخَاءً.

(11) -

فَحَوَّلَ اللهُ رُوحَ الْمَلِكِ إِلَى الْحِلْمِ، فَأَسْرَعَ وَنَهَضَ عَنِ الْعَرْشِ مُشْفِقًا وَضَمَّهَا بِذِرَاعَيْهِ حَتَّى ثَابَتْ إِلَى نَفْسِهَا وَكَانَ يُلاَطِفُهَا بِهذَا الْكَلاَمِ:

(12) -

مَا لَكِ يَا أَسْتِيرُ، أَنَا أَخُوكِ، لاَ تَخَافِي،

(13) -

إِنَّكِ لاَ تَمُوتِينَ، إِنَّمَا الشَّرِيعَةُ لَيْسَتْ عَلَيْكِ وَلكِنْ عَلَى الْعَامَّةِ.

(14) -

هَلُمِّي وَالْمُسِي الصَّوْلَجَانَ.

(15) -

وَإِذْ لَمْ تَزَلْ سَاكِتَةً، أَخَذَ صَوْلَجَانَ الذَّهَبِ وَجَعَلَهُ عَلَى عُنُقِهَا وَقَبَّلَهَا وَقَالَ: لِمَاذَا لاَ تُكَلِّمِينَنِي؟

(16) -

فَأَجَابَتْ وَقَالَتْ: إِنِّي رَأَيْتُكَ يَا سَيِّدِي كَأَنَّكَ مَلاَكُ اللهِ فَاضْطَرَبَ قَلْبِي هَيْبَةً مِنْ مَجْدِكَ.

(17) -

لأَنَّكَ عَجِيبٌ جِدًّا يَا سَيِّدِي، وَوَجْهُكَ مَمْلُوءٌ نِعْمَةً.

(18) -

وَفِيمَا هِيَ تَتَكَلَّمُ سَقَطَتْ ثَانِيَةً وَكَادَ يُغْشَى عَلَيْهَا،

(19) -

فَاضْطَرَبَ الْمَلِكُ وَكَانَ جَمِيعُ أَعْوَانِهِ يُلاَطِفُونَهَا.