(1) -

وَبَيْنَمَا هُمْ ذَاهِبُونَ، دَخَلَتْ يَهُودِيتُ مَعْبَدَهَا وَلَبِسَتْ مِسْحًا وَأَلْقَتْ رَمَادًا عَلَى رَأْسِهَا، وَخَرَّتْ أَمَامَ الرَّبِّ وَصَرَخَتْ إِلَى الرَّبِّ قَائِلَةً:

(2) -

«أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ أَبِي شِمْعُونَ الَّذِي أَعْطَاهُ سَيْفًا لِيَنْتَقِمَ مِنَ الْغُرَبَاءِ الَّذِينَ بِنَجَاسَتِهِمْ فَضَحُوا وَكَشَفُوا عَذْرَاءَ لِلْخِزْيِ

(3) -

فَجَعَلْتَ نِسَاءَهُمْ غَنِيمَةً وَبَنَاتِهِمْ سَبْيًا وَكُلَّ سَلْبِهِمْ مُقْتَسَمًا بَيْنَ عَبِيدِكَ الَّذِينَ غَارُوا غَيْرَتَكَ، أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهِي أَنْ تُعِينَنِي أَنَا الأَرْمَلَةَ.

(4) -

فَإِنَّ لَكَ الأَفْعَالَ الأُولَى وَأَنْتَ قَدَّرْتَ بَعْضَهَا فِي عَقِبِ بَعْضٍ وَمَا أَرَدْتَهُ كَانَ،

(5) -

فَإِنَّ طَرَائِقَكَ جَمِيعَهَا مُهَيَّأَةٌ، وَقَدْ أَقَمْتَ أَحْكَامَكَ بِعِنَايَتِكَ.

(6) -

فَانْظُرِ الآنَ إِلَى مُعَسْكَرِ الأَشُّورِيِّينَ كَمَا تَنَازَلْتَ فَنَظَرْتَ إِلَى مُعَسْكَرِ الْمِصْرِيِّينَ حِينَ كَانُوا يَسْعَوْنَ فِي إِثْرِ عَبِيدِكَ بِسِلاَحِهِمْ مُتَوَكِّلِينَ عَلَى مَرَاكِبِهِمْ وَفُرْسَانِهِمْ وَعَلَى كَثْرَةِ رِجَالِ حَرْبِهِمْ،

(7) -

حِينَئِذٍ نَظَرْتَ إِلَى مُعَسْكَرِهِمْ فَزَعَجَتْهُمُ الظُّلْمَةُ،

(8) -

الْتَزَقَتْ أَقْدَامُهُمْ بِالْعُمْقِ وَغَطَّتْهُمُ الْمِيَاهُ.

(9) -

يَا رَبِّ فَلْيَكُنْ مِثْلَهُمْ هؤُلاَءِ الْمُتَوَكِّلُونَ عَلَى كَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وَمَرَاكِبِهِمْ وَحِرَابِهِمْ وَتُرُوسِهِمْ وَسِهَامِهِمِ، الْمُفْتَخِرُونَ بِرِمَاحِهِمْ،

(10) -

وَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ أَنَّكَ أَنْتَ إِلهُنَا الَّذِي يَمْحَقُ الْحُرُوبَ مُنْذُ الْبَدْءِ وَأَنَّ اسْمَكَ الرَّبُّ.

(11) -

فَارْفَعْ ذِرَاعَكَ كَمَا فَعَلْتَ مِنَ الْبَدْءِ، وَاحْطِمْ قُوَّتَهُمْ بِقُوَّتِكَ، وَلْتَسْقُطْ بِغَضَبِكَ قُوَّةُ الَّذِينَ يُطْمِعُونَ أَنْفُسَهُمْ فِي ابْتِذَالِ أَقْدَاسِكَ وَتَنْجِيسِ مَسْكَنِ اسْمِكَ وَهَدْمِ قَرْنِ مَذْبَحِكَ بِسَيْفِهِمْ.

(12) -

اِجْعَلْ، يَا رَبُّ، كِبْرِيَاءَهُ تُقْطَعُ بِنَفْسِ سَيْفِهِ،

(13) -

لِيُصَدْ بِفَخِّ نَظَرِهِ إِلَيَّ وَاضْرِبْهُ بِعُذُوبَةِ الْكَلاَمِ الْخَارِجِ مِنْ شَفَتَيَّ،

(14) -

وَهَبْنِي ثَبَاتًا فِي قَلْبِي حَتَّى أَزْدَرِيَهُ وَقُوَّةً حَتَّى أُهْلِكَهُ،

(15) -

فَيَكُونَ هذَا ذِكْرًا لاِسْمِكَ إِذَا أَهْلَكَتْهُ يَدُ امْرَأَةٍ،

(16) -

لأَنَّهَا لَيْسَتْ قُوَّتُكَ بِالْكَثْرَةِ يَا رَبُّ وَلاَ مَرْضَاتُكَ بِقُدْرَةِ الْخَيْلِ، وَمُنْذُ الْبَدْءِ لاَ تَرْضَى مِنَ الْمُتَكَبِّرِينَ، بَلْ يَسُرُّكَ دَائِمًا تَضَرُّعُ الْمُتَوَاضِعِينَ الْوُدَعَاءِ.

(17) -

يَا إِلهَ السَّمَوَاتِ خَالِقَ الْمِيَاهِ وَرَبَّ كُلِّ خَلِيقَةٍ، اسْتَجِبْنِي أَنَا الْمِسْكِينَةَ الْمُتَضَرِّعَةَ وَالْمُتَوَكِّلَةَ عَلَى رَحْمَتِكَ،

(18) -

وَاذْكُر يَا رَبُّ مِيثَاقَكَ، وَاجْعَلِ الْكَلاَمَ فِي فِيَّ، وَثَبِّتْ مَشُورَةَ قَلْبِي لِيَثْبُتَ بَيْتُكَ فِي قُدْسِكَ،

(19) -

فَيَعْرِفَ جَمِيعُ الأُمَمِ أَنَّكَ أَنْتَ الإِلهُ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاكَ».