(1) -

فَأَجَابَ صُوفَرُ النَّعْمَاتِيُّ وَقَالَ:

(2) -

«مِنْ أَجْلِ ذلِكَ هَوَاجِسِي تُجِيبُنِي، وَلِهذَا هَيَجَانِي فِيَّ.

(3) -

تَعْيِيرَ تَوْبِيخِي أَسْمَعُ. وَرُوحٌ مِنْ فَهْمِي يُجِيبُنِي.

(4) -

«أَمَا عَلِمْتَ هذَا مِنَ الْقَدِيمِ، مُنْذُ وُضِعَ الإِنْسَانُ عَلَى الأَرْضِ،

(5) -

أَنَّ هُتَافَ الأَشْرَارِ مِنْ قَرِيبٍ، وَفَرَحَ الْفَاجِرِ إِلَى لَحْظَةٍ!

(6) -

وَلَوْ بَلَغَ السَّمَاوَاتِ طُولُهُ، وَمَسَّ رَأْسُهُ السَّحَابَ،

(7) -

كَجُلَّتِهِ إِلَى الأَبَدِ يَبِيدُ. الَّذِينَ رَأَوْهُ يَقُولُونَ: أَيْنَ هُوَ؟

(8) -

كَالْحُلْمِ يَطِيرُ فَلاَ يُوجَدُ، وَيُطْرَدُ كَطَيْفِ اللَّيْلِ.

(9) -

عَيْنٌ أَبْصَرَتْهُ لاَ تَعُودُ تَرَاهُ، وَمَكَانُهُ لَنْ يَرَاهُ بَعْدُ.

(10) -

بَنُوهُ يَتَرَضَّوْنَ الْفُقَرَاءَ، وَيَدَاهُ تَرُدَّانِ ثَرْوَتَهُ.

(11) -

عِظَامُهُ مَلآنَةٌ شَبِيبَةً، وَمَعَهُ فِي التُّرَابِ تَضْطَجِعُ.

(12) -

إِنْ حَلاَ فِي فَمِهِ الشَّرُّ، وَأَخْفَاهُ تَحْتَ لِسَانِهِ،

(13) -

أَشْفَقَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتْرُكْهُ، بَلْ حَبَسَهُ وَسَطَ حَنَكِهِ،

(14) -

فَخُبْزُهُ فِي أَمْعَائِهِ يَتَحَوَّلُ، مَرَارَةُ أَصْلاَل فِي بَطْنِهِ.

(15) -

قَدْ بَلَعَ ثَرْوَةً فَيَتَقَيَّأُهَا. اللهُ يَطْرُدُهَا مِنْ بَطْنِهِ.

(16) -

سَمَّ الأَصْلاَلِ يَرْضَعُ. يَقْتُلُهُ لِسَانُ الأَفْعَى.

(17) -

لاَ يَرَى الْجَدَاوِلَ أَنْهَارَ سَوَاقِيَ عَسَل وَلَبَنٍ.

(18) -

يَرُدُّ تَعَبَهُ وَلاَ يَبْلَعُهُ. كَمَالٍ تَحْتَ رَجْعٍ. ولاَ يَفْرَحُ.

(19) -

لأَنَّهُ رَضَّضَ الْمَسَاكِينَ، وَتَرَكَهُمْ، وَاغْتَصَبَ بَيْتًا وَلَمْ يَبْنِهِ.

(20) -

لأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ فِي بَطْنِهِ قَنَاعَةً، لاَ يَنْجُو بِمُشْتَهَاهُ.

(21) -

لَيْسَتْ مِنْ أَكْلِهِ بَقِيَّةٌ، لأَجْلِ ذلِكَ لاَ يَدُومُ خَيْرُهُ.

(22) -

مَعَ مِلْءِ رَغْدِهِ يَتَضَايَقُ. تَأْتِي عَلَيْهِ يَدُ كُلِّ شَقِيٍّ.

(23) -

يَكُونُ عِنْدَمَا يَمْلأُ بَطْنَهُ، أَنَّ اللهَ يُرْسِلُ عَلَيْهِ حُمُوَّ غَضَبِهِ، وَيُمْطِرُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ طَعَامِهِ.

(24) -

يَفِرُّ مِنْ سِلاَحِ حَدِيدٍ. تَخْرِقُهُ قَوْسُ نُحَاسٍ.

(25) -

جَذَبَهُ فَخَرَجَ مِنْ بَطْنِهِ، وَالْبَارِقُ مِنْ مَرَارَتِهِ مَرَقَ. عَلَيْهِ رُعُوبٌ.

(26) -

كُلُّ ظُلْمَةٍ مُخْتَبَأَةٌ لِذَخَائِرِهِ. تَأْكُلُهُ نَارٌ لَمْ تُنْفَخْ. تَرْعَى الْبَقِيَّةَ فِي خَيْمَتِهِ.

(27) -

السَّمَاوَاتُ تُعْلِنُ إِثْمَهُ، وَالأَرْضُ تَنْهَضُ عَلَيْهِ.

(28) -

تَزُولُ غَلَّةُ بَيْتِهِ. تُهْرَاقُ فِي يَوْمِ غَضَبِهِ.

(29) -

هذَا نَصِيبُ الإِنْسَانِ الشِّرِّيرِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَمِيرَاثُ أَمْرِهِ مِنَ الْقَدِيرِ».