سفر ايوب

فَأَجَابَ أَلِيهُو وَقَالَ:

فأجاب أليهو وقال:

«اسْمَعُوا أَقْوَالِي أَيُّهَا الْحُكَمَاءُ، وَاصْغَوْا لِي أَيُّهَا الْعَارِفُونَ.

«اسمعوا أقوالي أيها الحكماء، واصغوا لي أيها العارفون.

لأَنَّ الأُذُنَ تَمْتَحِنُ الأَقْوَالَ، كَمَا أَنَّ الْحَنَكَ يَذُوقُ طَعَامًا.

لأن الأذن تمتحن الأقوال، كما أن الحنك يذوق طعاما.

لِنَمْتَحِنْ لأَنْفُسِنَا الْحَقَّ، وَنَعْرِفْ بَيْنَ أَنْفُسِنَا مَا هُوَ طَيِّبٌ.

لنمتحن لأنفسنا الحق، ونعرف بين أنفسنا ما هو طيب.

«لأَنَّ أَيُّوبَ قَالَ: تَبَرَّرْتُ، وَاللهُ نَزَعَ حَقِّي.

«لأن أيوب قال: تبررت، والله نزع حقي.

عِنْدَ مُحَاكَمَتِي أُكَذَّبُ. جُرْحِي عَدِيمُ الشِّفَاءِ مِنْ دُونِ ذَنْبٍ.

عند محاكمتي أكذب. جرحي عديم الشفاء من دون ذنب.

فَأَيُّ إِنْسَانٍ كَأَيُّوبَ يَشْرَبُ الْهُزْءَ كَالْمَاءِ،

فأي إنسان كأيوب يشرب الهزء كالماء،

وَيَسِيرُ مُتَّحِدًا مَعَ فَاعِلِي الإِثْمِ، وَذَاهِبًا مَعَ أَهْلِ الشَّرِّ؟

ويسير متحدا مع فاعلي الإثم، وذاهبا مع أهل الشر؟

لأَنَّهُ قَالَ: لاَ يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ بِكَوْنِهِ مَرْضِيًّا عِنْدَ اللهِ.

لأنه قال: لا ينتفع الإنسان بكونه مرضيا عند الله.

«لأَجْلِ ذلِكَ اسْمَعُوا لِي يَا ذَوِي الأَلْبَابِ. حَاشَا للهِ مِنَ الشَّرِّ، وَلِلْقَدِيرِ مِنَ الظُّلْمِ.

«لأجل ذلك اسمعوا لي يا ذوي الألباب. حاشا لله من الشر، وللقدير من الظلم.

لأَنَّهُ يُجَازِي الإِنْسَانَ عَلَى فِعْلِهِ، وَيُنِيلُ الرَّجُلَ كَطَرِيقِهِ.

لأنه يجازي الإنسان على فعله، وينيل الرجل كطريقه.

فَحَقًّا إِنَّ اللهَ لاَ يَفْعَلُ سُوءًا، وَالْقَدِيرَ لاَ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ.

فحقا إن الله لا يفعل سوءا، والقدير لا يعوج القضاء.

مَنْ وَكَّلَهُ بِالأَرْضِ، وَمَنْ صَنَعَ الْمَسْكُونَةَ كُلَّهَا؟

من وكله بالأرض، ومن صنع المسكونة كلها؟

إِنْ جَعَلَ عَلَيْهِ قَلْبَهُ، إِنْ جَمَعَ إِلَى نَفْسِهِ رُوحَهُ وَنَسَمَتَهُ،

إن جعل عليه قلبه، إن جمع إلى نفسه روحه ونسمته،

يُسَلِّمُ الرُّوحَ كُلُّ بَشَرٍ جَمِيعًا، وَيَعُودُ الإِنْسَانُ إِلَى التُّرَابِ.

يسلم الروح كل بشر جميعا، ويعود الإنسان إلى التراب.

فَإِنْ كَانَ لَكَ فَهْمٌ فَاسْمَعْ هذَا، وَاصْغَ إِلَى صَوْتِ كَلِمَاتِي.

فإن كان لك فهم فاسمع هذا، واصغ إلى صوت كلماتي.

أَلَعَلَّ مَنْ يُبْغِضُ الْحَقَّ يَتَسَلَّطُ، أَمِ الْبَارَّ الْكَبِيرَ تَسْتَذْنِبُ؟

ألعل من يبغض الحق يتسلط، أم البار الكبير تستذنب؟

أَيُقَالُ لِلْمَلِكِ: يَا لَئِيمُ، وَلِلْنُدَبَاءِ: يَا أَشْرَارُ؟

أيقال للملك: يا لئيم، وللندباء: يا أشرار؟

الَّذِي لاَ يُحَابِي بِوُجُوهِ الرُّؤَسَاءِ، وَلاَ يَعْتَبِرُ مُوسَعًا دُونَ فَقِيرٍ. لأَنَّهُمْ جَمِيعَهُمْ عَمَلُ يَدَيْهِ.

الذي لا يحابي بوجوه الرؤساء، ولا يعتبر موسعا دون فقير. لأنهم جميعهم عمل يديه.

بَغْتَةً يَمُوتُونَ وَفِي نِصْفِ اللَّيْلِ. يَرْتَجُّ الشَّعْبُ وَيَزُولُونَ، وَيُنْزَعُ الأَعِزَّاءُ لاَ بِيَدٍ.

بغتة يموتون وفي نصف الليل. يرتج الشعب ويزولون، وينزع الأعزاء لا بيد.

لأَنَّ عَيْنَيْهِ عَلَى طُرُقِ الإِنْسَانِ، وَهُوَ يَرَى كُلَّ خَطَوَاتِهِ.

لأن عينيه على طرق الإنسان، وهو يرى كل خطواته.

لاَ ظَلاَمَ وَلاَ ظِلَّ مَوْتٍ حَيْثُ تَخْتَفِي عُمَّالُ الإِثْمِ.

لا ظلام ولا ظل موت حيث تختفي عمال الإثم.

لأَنَّهُ لاَ يُلاَحِظُ الإِنْسَانَ زَمَانًا لِلدُّخُولِ فِي الْمُحَاكَمَةِ مَعَ اللهِ.

لأنه لا يلاحظ الإنسان زمانا للدخول في المحاكمة مع الله.

يُحَطِّمُ الأَعِزَّاءَ مِنْ دُونِ فَحْصٍ، وَيُقِيمُ آخَرِينَ مَكَانَهُمْ.

يحطم الأعزاء من دون فحص، ويقيم آخرين مكانهم.

لكِنَّهُ يَعْرِفُ أَعْمَالَهُمْ، وَيُقَلِّبُهُمْ لَيْلًا فَيَنْسَحِقُونَ.

لكنه يعرف أعمالهم، ويقلبهم ليلا فينسحقون.

لِكَوْنِهِمْ أَشْرَارًا، يَصْفِقُهُمْ فِي مَرْأَى النَّاظِرِينَ.

لكونهم أشرارا، يصفقهم في مرأى الناظرين.

لأَنَّهُمُ انْصَرَفُوا مِنْ وَرَائِهِ، وَكُلُّ طُرُقِهِ لَمْ يَتَأَمَّلُوهَا،

لأنهم انصرفوا من ورائه، وكل طرقه لم يتأملوها،

حَتَّى بَلَّغُوا إِلَيْهِ صُرَاخَ الْمِسْكِينِ، فَسَمِعَ زَعْقَةَ الْبَائِسِينَ.

حتى بلغوا إليه صراخ المسكين، فسمع زعقة البائسين.

إِذَا هُوَ سَكَّنَ، فَمَنْ يَشْغَبُ؟ وَإِذَا حَجَبَ وَجْهَهُ، فَمَنْ يَرَاهُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى أُمَّةٍ أَوْ عَلَى إِنْسَانٍ؟

إذا هو سكن، فمن يشغب؟ وإذا حجب وجهه، فمن يراه سواء كان على أمة أو على إنسان؟

حَتَّى لاَ يَمْلِكَ الْفَاجِرُ وَلاَ يَكُونَ شَرَكًا لِلشَّعْبِ.

حتى لا يملك الفاجر ولا يكون شركا للشعب.

«وَلكِنْ هَلْ للهِ قَالَ: احْتَمَلْتُ. لاَ أَعُودُ أُفْسِدُ؟

«ولكن هل لله قال: احتملت. لا أعود أفسد؟

مَا لَمْ أُبْصِرْهُ فَأَرِنِيهِ أَنْتَ. إِنْ كُنْتُ قَدْ فَعَلْتُ إِثْمًا فَلاَ أَعُودُ أَفْعَلُهُ.

ما لم أبصره فأرنيه أنت. إن كنت قد فعلت إثما فلا أعود أفعله.

هَلْ كَرَأْيِكَ يُجَازِيهِ، قَائِلًا: لأَنَّكَ رَفَضْتَ؟ فَأَنْتَ تَخْتَارُ لاَ أَنَا، وَبِمَا تَعْرِفُهُ تَكَلَّمْ.

هل كرأيك يجازيه، قائلا: لأنك رفضت؟ فأنت تختار لا أنا، وبما تعرفه تكلم.

ذَوُو الأَلْبَابِ يَقُولُونَ لِي، بَلِ الرَّجُلُ الْحَكِيمُ الَّذِي يَسْمَعُنِي يَقُولُ:

ذوو الألباب يقولون لي، بل الرجل الحكيم الذي يسمعني يقول:

إِنَّ أَيُّوبَ يَتَكَلَّمُ بِلاَ مَعْرِفَةٍ، وَكَلاَمُهُ لَيْسَ بِتَعَقُّل.

إن أيوب يتكلم بلا معرفة، وكلامه ليس بتعقل.

فَلَيْتَ أَيُّوبَ كَانَ يُمْتَحَنُ إِلَى الْغَايَةِ مِنْ أَجْلِ أَجْوِبَتِهِ كَأَهْلِ الإِثْمِ.

فليت أيوب كان يمتحن إلى الغاية من أجل أجوبته كأهل الإثم.

لكِنَّهُ أَضَافَ إِلَى خَطِيَّتِهِ مَعْصِيَةً. يُصَفِّقُ بَيْنَنَا، وَيُكْثِرُ كَلاَمَهُ عَلَى اللهِ».

لكنه أضاف إلى خطيته معصية. يصفق بيننا، ويكثر كلامه على الله».