سفر ايوب

فَأَجَابَ أَيُّوبُ وَقَالَ:

فأجاب أيوب وقال:

«اِسْمَعُوا قَوْلِي سَمْعًا، وَلْيَكُنْ هذَا تَعْزِيَتَكُمْ.

«اسمعوا قولي سمعا، وليكن هذا تعزيتكم.

اِحْتَمِلُونِي وَأَنَا أَتَكَلَّمُ، وَبَعْدَ كَلاَمِي اسْتَهْزِئُوا.

احتملوني وأنا أتكلم، وبعد كلامي استهزئوا.

أَمَّا أَنَا فَهَلْ شَكْوَايَ مِنْ إِنْسَانٍ، وَإِنْ كَانَتْ، فَلِمَاذَا لاَ تَضِيقُ رُوحِي؟

أما أنا فهل شكواي من إنسان، وإن كانت، فلماذا لا تضيق روحي؟

تَفَرَّسُوا فِيَّ وَتَعَجَّبُوا وَضَعُوا الْيَدَ عَلَى الْفَمِ.

تفرسوا في وتعجبوا وضعوا اليد على الفم.

«عِنْدَمَا أَتَذَكَّرُ أَرْتَاعُ، وَأَخَذَتْ بَشَرِي رَعْدَةٌ.

«عندما أتذكر أرتاع، وأخذت بشري رعدة.

لِمَاذَا تَحْيَا الأَشْرَارُ وَيَشِيخُونَ، نَعَمْ وَيَتَجَبَّرُونَ قُوَّةً؟

لماذا تحيا الأشرار ويشيخون، نعم ويتجبرون قوة؟

نَسْلُهُمْ قَائِمٌ أَمَامَهُمْ مَعَهُمْ، وَذُرِّيَّتُهُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ.

نسلهم قائم أمامهم معهم، وذريتهم في أعينهم.

بُيُوتُهُمْ آمِنَةٌ مِنَ الْخَوْفِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ عَصَا اللهِ.

بيوتهم آمنة من الخوف، وليس عليهم عصا الله.

ثَوْرُهُمْ يُلْقِحُ وَلاَ يُخْطِئُ. بَقَرَتُهُمْ تُنْتِجُ وَلاَ تُسْقِطُ.

ثورهم يلقح ولا يخطئ. بقرتهم تنتج ولا تسقط.

يُسْرِحُونَ مِثْلَ الْغَنَمِ رُضَّعَهُمْ، وَأَطْفَالُهُمْ تَرْقُصُ.

يسرحون مثل الغنم رضعهم، وأطفالهم ترقص.

يَحْمِلُونَ الدُّفَّ وَالْعُودَ، وَيُطْرِبُونَ بِصَوْتِ الْمِزْمَارِ.

يحملون الدف والعود، ويطربون بصوت المزمار.

يَقْضُونَ أَيَّامَهُمْ بِالْخَيْرِ. فِي لَحْظَةٍ يَهْبِطُونَ إِلَى الْهَاوِيَةِ.

يقضون أيامهم بالخير. في لحظة يهبطون إلى الهاوية.

فَيَقُولُونَ للهِ: ابْعُدْ عَنَّا، وَبِمَعْرِفَةِ طُرُقِكَ لاَ نُسَرُّ.

فيقولون لله: ابعد عنا، وبمعرفة طرقك لا نسر.

مَنْ هُوَ الْقَدِيرُ حَتَّى نَعْبُدَهُ؟ وَمَاذَا نَنْتَفِعُ إِنِ الْتَمَسْنَاهُ؟

من هو القدير حتى نعبده؟ وماذا ننتفع إن التمسناه؟

«هُوَذَا لَيْسَ فِي يَدِهِمْ خَيْرُهُمْ. لِتَبْعُدْ عَنِّي مَشُورَةُ الأَشْرَارِ.

«هوذا ليس في يدهم خيرهم. لتبعد عني مشورة الأشرار.

كَمْ يَنْطَفِئُ سِرَاجُ الأَشْرَارِ، وَيَأْتِي عَلَيْهِمْ بَوَارُهُمْ؟ أَوْ يَقْسِمُ لَهُمْ أَوْجَاعًا فِي غَضَبِهِ؟

كم ينطفئ سراج الأشرار، ويأتي عليهم بوارهم؟ أو يقسم لهم أوجاعا في غضبه؟

أَوْ يَكُونُونَ كَالتِّبْنِ قُدَّامَ الرِّيحِ، وَكَالْعُصَافَةِ الَّتِي تَسْرِقُهَا الزَّوْبَعَةُ؟

أو يكونون كالتبن قدام الريح، وكالعصافة التي تسرقها الزوبعة؟

اَللهُ يَخْزِنُ إِثْمَهُ لِبَنِيهِ. لِيُجَازِهِ نَفْسَهُ فَيَعْلَمَ.

الله يخزن إثمه لبنيه. ليجازه نفسه فيعلم.

لِتَنْظُرْ عَيْنَاهُ هَلاَكَهُ، وَمِنْ حُمَةِ الْقَدِيرِ يَشْرَبْ.

لتنظر عيناه هلاكه، ومن حمة القدير يشرب.

فَمَا هِيَ مَسَرَّتُهُ فِي بَيْتِهِ بَعْدَهُ، وَقَدْ تَعَيَّنَ عَدَدُ شُهُورِهِ؟

فما هي مسرته في بيته بعده، وقد تعين عدد شهوره؟

«أَاللهُ يُعَلَّمُ مَعْرِفَةً، وَهُوَ يَقْضِي عَلَى الْعَالِينَ؟

«أالله يعلم معرفة، وهو يقضي على العالين؟

هذَا يَمُوتُ فِي عَيْنِ كَمَالِهِ. كُلُّهُ مُطْمَئِنٌّ وَسَاكِنٌ.

هذا يموت في عين كماله. كله مطمئن وساكن.

أَحْوَاضُهُ مَلآنَةٌ لَبَنًا، وَمُخُّ عِظَامِهِ طَرِيٌّ.

أحواضه ملآنة لبنا، ومخ عظامه طري.

وَذلِكَ يَمُوتُ بِنَفْسٍ مُرَّةٍ وَلَمْ يَذُقْ خَيْرًا.

وذلك يموت بنفس مرة ولم يذق خيرا.

كِلاَهُمَا يَضْطَجِعَانِ مَعًا فِي التُّرَابِ وَالدُّودُ يَغْشَاهُمَا.

كلاهما يضطجعان معا في التراب والدود يغشاهما.

«هُوَذَا قَدْ عَلِمْتُ أَفْكَارَكُمْ وَالنِّيَّاتِ الَّتِي بِهَا تَظْلِمُونَنِي.

«هوذا قد علمت أفكاركم والنيات التي بها تظلمونني.

لأَنَّكُمْ تَقُولُونَ: أَيْنَ بَيْتُ الْعَاتِي؟ وَأَيْنَ خَيْمَةُ مَسَاكِنِ الأَشْرَارِ؟

لأنكم تقولون: أين بيت العاتي؟ وأين خيمة مساكن الأشرار؟

أَفَلَمْ تَسْأَلُوا عَابِرِي السَّبِيلِ، وَلَمْ تَفْطِنُوا لِدَلاَئِلِهِمْ؟

أفلم تسألوا عابري السبيل، ولم تفطنوا لدلائلهم؟

إِنَّهُ لِيَوْمِ الْبَوَارِ يُمْسَكُ الشِّرِّيرُ. لِيَوْمِ السَّخَطِ يُقَادُونَ.

إنه ليوم البوار يمسك الشرير. ليوم السخط يقادون.

مَنْ يُعْلِنُ طَرِيقَهُ لِوَجْهِهِ؟ وَمَنْ يُجَازِيهِ عَلَى مَا عَمِلَ؟

من يعلن طريقه لوجهه؟ ومن يجازيه على ما عمل؟

هُوَ إِلَى الْقُبُورِ يُقَادُ، وَعَلَى الْمَدْفَنِ يُسْهَرُ.

هو إلى القبور يقاد، وعلى المدفن يسهر.

حُلْوٌ لَهُ مَدَرُ الْوَادِي. يَزْحَفُ كُلُّ إِنْسَانٍ وَرَاءَهُ، وَقُدَّامَهُ مَا لاَ عَدَدَ لَهُ.

حلو له مدر الوادي. يزحف كل إنسان وراءه، وقدامه ما لا عدد له.

فَكَيْفَ تُعَزُّونَنِي بَاطِلًا وَأَجْوِبَتُكُمْ بَقِيَتْ خِيَانَةً؟».

فكيف تعزونني باطلا وأجوبتكم بقيت خيانة؟».