سفر طوبيا

وَلَمَّا أَبْطَأَ طُوبِيَّا هُنَاكَ لِسَبَبِ الْعُرْسِ، قَلِقَ أَبُوهُ طُوبِيَّا وَقَالَ: «لِمَاذَا تُرَى أَبْطَأَ ابْنِي؟ وَمَا الَّذِي عَاقَهُ هُنَاكَ؟

ولما أبطأ طوبيا هناك لسبب العرس، قلق أبوه طوبيا وقال: «لماذا ترى أبطأ ابني؟ وما الذي عاقه هناك؟

أَلَعَلَّ غَابِيلُوسَ قَدْ مَاتَ وَلَيْسَ مَنْ يَرُدُّ لَهُ الْمَالَ؟»

ألعل غابيلوس قد مات وليس من يرد له المال؟»

وَأَخَذَهُ حُزْنٌ شَدِيدٌ هُوَ وَحَنَّةَ امْرَأَتَهُ، وَطَفِقَا كِلاَهُمَا يَبْكِيَانِ لِتَخَلُّفِ ابْنِهِمَا عَنِ الرُّجُوعِ فِي يَوْمِ الْمِيعَادِ.

وأخذه حزن شديد هو وحنة امرأته، وطفقا كلاهما يبكيان لتخلف ابنهما عن الرجوع في يوم الميعاد.

وَكَانَتْ أُمُّهُ تَبْكِي بِدُمُوعٍ لاَ تَنْقَطِعُ وَهِيَ تَقُولُ: «آهِ أَوْهِ يَا بُنَيَّ، لِمَاذَا أَرْسَلْنَاكَ فِي الْغُرْبَةِ يَا نُورَ أَبْصَارِنَا وَعُكَّازَةَ شَيْخُوخَتِنَا وَعَزَاءَ عِيشَتِنَا وَرَجَاءَ عَقِبِنَا؟

وكانت أمه تبكي بدموع لا تنقطع وهي تقول: «آه أوه يا بني، لماذا أرسلناك في الغربة يا نور أبصارنا وعكازة شيخوختنا وعزاء عيشتنا ورجاء عقبنا؟

لَقَدْ كَانَ لَنَا فِيكَ وَحْدَكَ كُلُّ شَيْءٍ، فَلَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُرْسِلَكَ عَنَّا».

لقد كان لنا فيك وحدك كل شيء، فلم يكن ينبغي لنا أن نرسلك عنا».

فَكَانَ طُوبِيَّا يَقُولُ لَهَا: «اسْكُتِي وَلاَ تَتَقَلَّقِي، إِنَّ ابْنَنَا سَالِمٌ وَالرَّجُلَ الَّذِي أَرْسَلْنَاهُ مَعَهُ ثِقَةٌ جِدًّا».

فكان طوبيا يقول لها: «اسكتي ولا تتقلقي، إن ابننا سالم والرجل الذي أرسلناه معه ثقة جدا».

فَلَمْ يَكُنْ ذلِكَ يُفِيدُهَا أَدْنَى تَعْزِيَةٍ، وَكَانَتْ كُلَّ يَوْمٍ تَقُومُ مُسْرِعَةً فَتَتَشَوَّفُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، وَتَنْظُرُ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ الَّتِي كَانَتْ تَظُنُّ أَنَّ ابْنَهَا يَرْجِعُ مِنْهَا لَعَلَّهَا تَرَاهُ عَنْ بُعْدٍ مُقْبِلًا.

فلم يكن ذلك يفيدها أدنى تعزية، وكانت كل يوم تقوم مسرعة فتتشوف من كل جهة، وتنظر في جميع الطرق التي كانت تظن أن ابنها يرجع منها لعلها تراه عن بعد مقبلا.

وَأَمَّا رَعُوئِيلُ فَقَالَ لِصِهْرِهِ: «امْكُثْ ههُنَا وَأَنَا أُنْفِذُ إِلَى طُوبِيَّا أَبِيكَ مَنْ يُخْبِرُهُ بِسَلاَمَتِكَ».

وأما رعوئيل فقال لصهره: «امكث ههنا وأنا أنفذ إلى طوبيا أبيك من يخبره بسلامتك».

فَقَالَ لَهُ طُوبِيَّا: «إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّ أَبِي وَأُمِّي يَحْسُبَانِ الأَيَّامِ وَأَرْوَاحُهُمَا مُعَذَّبَةٌ قَلَقًا».

فقال له طوبيا: «إني لأعلم أن أبي وأمي يحسبان الأيام وأرواحهما معذبة قلقا».

وَبَعْدَ أَنْ أَكْثَرَ رَعُوئِيلُ مِنَ الإِلْحَاحِ عَلَى طُوبِيَّا، فَأَبَى أَنْ يَسْمَعَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، أَعْطَاهُ سَارَةَ وَنِصْفَ أَمْوَالِهِ كُلِّهَا مِنْ غِلْمَانٍ وَجَوَارٍ وَمَوَاشٍ وَإِبِلٍ وَبَقَرٍ وَفِضَّةٍ كَثِيرَةٍ، وَصَرَفَهُ مِنْ عِنْدِهِ بِسَلاَمٍ فَرِحًا،

وبعد أن أكثر رعوئيل من الإلحاح على طوبيا، فأبى أن يسمع بوجه من الوجوه، أعطاه سارة ونصف أمواله كلها من غلمان وجوار ومواش وإبل وبقر وفضة كثيرة، وصرفه من عنده بسلام فرحا،

قَائِلًا: «مَلاَكُ الرَّبِّ الْقُدُّوسُ يَكُونُ فِي طَرِيقِكُمَا، وَيُبَلِّغُكُمَا سَالِمَيْنِ، وَتَجِدَانِ كُلَّ شَيْءٍ عِنْدَ أَبَوَيْكُمَا بِخَيْرٍ، وَتَرَى عَيْنَايَ بَنِيكُمَا قَبْلَ مَوْتِي».

قائلا: «ملاك الرب القدوس يكون في طريقكما، ويبلغكما سالمين، وتجدان كل شيء عند أبويكما بخير، وترى عيناي بنيكما قبل موتي».

وَأَقْبَلَ الْوَالِدَانِ عَلَى ابْنَتِهِمَا يُقَبِّلاَنِهَا ثُمَّ صَرَفَاهَا،

وأقبل الوالدان على ابنتهما يقبلانها ثم صرفاها،

وَأَوْصَيَاهَا أَنْ تُكْرِمَ حَمَوَيْهَا، وَتُحِبَّ بَعْلَهَا، وَتُدَبِّرَ عِيَالَهَا، وَتَسُوسَ بَيْتَهَا، وَتَحْفَظَ نَفْسَهَا غَيْرَ مَلُومَةٍ.

وأوصياها أن تكرم حمويها، وتحب بعلها، وتدبر عيالها، وتسوس بيتها، وتحفظ نفسها غير ملومة.