(1) -

وَسَافَرَ طُوبِيَّا وَالْكَلْبُ يَتْبَعُهُ، فَبَاتَ أَوَّلَ مَنْزِلَةٍ بِجَانِبِ نَهْرِ دِجْلَةَ.

(2) -

وَخَرَجَ لِيَغْسِلَ رِجْلَيْهِ، فَإِذَا بِحُوتٍ عَظِيمٍ قَدْ خَرَجَ لِيَفْتَرِسَهُ.

(3) -

فَارْتَاعَ طُوبِيَّا وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلًا: «يَا مَوْلاَيَ قَدِ اقْتَحَمَنِي».

(4) -

فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: «أَمْسِكْ بِخَيْشُومِهِ وَاجْتَذِبْهُ إِلَيْكَ». فَفَعَلَ كَذلِكَ وَاجْتَذَبَهُ إِلَى الْيَبْسِ، فَأَخَذَ يَخْتَبِطُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ.

(5) -

فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: «شُقَّ جَوْفَ الْحُوتِ، وَاحْتَفِظْ بِقَلْبِهِ وَمَرَارَتِهِ وَكَبِدِهِ، فَإِنَّ لَكَ بِهَا مَنْفَعَةً لِعِلاَجٍ مُفِيدٍ».

(6) -

فَفَعَلَ كَذلِكَ، ثُمَّ شَوَى مِنْ لَحْمِهِ، فَأَخَذَا لِلطَّرِيقِ، وَمَلَّحَا سَائِرَهُ حَتَّى يَكُونَ لَهُمَا مَا يَكْفِيهِمَا إِلَى أَنْ يَبْلُغَا رَاجِيسَ مَدِينَةَ الْمَادِيِّينَ.

(7) -

ثُمَّ إِنَّ طُوبِيَّا سَأَلَ الْمَلاَكَ وَقَالَ لَهُ: «نَشَدْتُكَ يَا أَخِي عَزَرْيَا أَنْ تُخْبِرَنِي مَا الْعِلاَجُ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ هذِهِ الأَشْيَاءِ الَّتِي أَمَرْتَنِي أَنْ أَذْخَرَهَا مِنَ الْحُوتِ؟»

(8) -

فَأَجَابَهُ الْمَلاَكُ قَائِلًا: «إِذَا أَلْقَيْتَ شَيْئًا مِنْ قَلْبِهِ عَلَى الْجَمْرِ فَدُخَانُهُ يَطْرُدُ كُلَّ جِنْسٍ مِنَ الشَيَّاطِينِ فِي رَجُلٍ كَانَ أَوِ امْرَأَةٍ بِحَيْثُ لاَ يَعُودُ يَقْرُبُهُمَا أَبَدًا.

(9) -

وَالْمَرَارَةُ تَنْفَعُ لِمَسْحِ الْعُيُونِ الَّتِي عَلَيْهَا غِشَاءٌ فَتَبْرَأُ».

(10) -

وَقَالَ طُوبِيَّا: «أَيْنَ تُرِيدُ أَنْ نَنْزِلَ؟»

(11) -

فَقَالَ الْمَلاَكُ إِنَّ هُنَا رَجُلًا اسْمُهُ رَعُوئِيلُ مِنْ ذَوِي قَرَابَتِكَ مِنْ سِبْطِكَ، وَلَهُ بِنْتٌ اسْمُهَا سَارَةُ، وَلَيْسَ لَهُ مِنْ ذَكَرٍ وَلاَ أُنْثَى سِوَاهَا.

(12) -

فَجَمِيعُ مَالِهِ مُسْتَحَقٌّ لَكَ، وَلاَ بُدَّ لَكَ أَنْ تَتَّخِذَهَا زَوْجَةً.

(13) -

فَاخْطُبْهَا إِلَى أَبِيهَا فَإِنَّهُ يُزَوِّجُهَا مِنْكَ».

(14) -

فَأَجَابَ طُوبِيَّا وَقَالَ: «إِنِّي سَمِعْتُ أَنَّهُ قَدْ عُقِدَ لَهَا عَلَى سَبْعَةِ أَزْوَاجٍ فَمَاتُوا، وَقَدْ سَمِعْتُ أَيْضًا أَنَّ الشَّيْطَانَ قَتَلَهُمْ.

(15) -

فَلأَجْلِ هذَا أَخَافُ أَنْ يُصِيبَنِي مِثْلُ ذلِكَ، وَأَنَا وَحِيدٌ لأَبَوَيَّ، فَأَنْزِلُ شَيْخُوخَتَهُمَا إِلَى الْجَحِيمِ بِالْحُزْنِ».

(16) -

فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ رَافَائِيلُ: «اسْتَمِعْ فَأُخْبِرَكَ مَنْ هُمُ الَّذِينَ يَسْتَطِيعُ الشَّيْطَانُ أَنْ يَقْوَى عَلَيْهِمْ؟

(17) -

إِنَّ الَّذِينَ يَتَزَوَّجُونَ، فَيَنْفُونَ اللهَ مِنْ قُلُوبِهِمْ، وَيَتَفَرَّغُونَ لِشَهْوَتِهِمْ كَالْفَرَسِ وَالْبَغْلِ اللَّذَيْنِ لاَ فَهْمَ لَهُمَا؛ أُولئِكَ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ.

(18) -

فَأَنْتَ إِذَا تَزَوَّجْتَهَا وَدَخَلْتَ الْمُخْدَعَ، فَأَمْسِكْ عَنْهَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلاَ تَتَفَرَّغْ مَعَهَا إِلاَّ لِلصَّلَوَاتِ.

(19) -

وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، إِذَا أَحْرَقْتَ كَبِدَ الْحُوتِ، يَنْهَزِمُ الشَّيْطَانُ.

(20) -

وَفِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ، تَكُونُ مَقْبُولًا فِي شَرِكَةِ الآبَاءِ الْقِدِّيسِينَ.

(21) -

وَفِي اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، تَنَالُ الْبَرَكَةَ حَتَّى يُولَدَ لَكُمَا بَنُونَ سَالِمُونَ.

(22) -

وَبَعْدَ انْقِضَاءِ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، تَتَّخِذُ الْبِكْرَ بِخَوْفِ الرَّبِّ وَأَنْتَ رَاغِبٌ فِي الْبَنِينَ أَكْثَرَ مِنَ الشَّهْوَةِ، لِكَيْ تَنَالَ بَرَكَةَ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ فِي بَنِيكَ».