سفر يشوع بن سيراخ

كُلُّ صَدِيقٍ يَقُولُ: «لِي مَعَ فُلانٍ صَدَاقَةٌ»، لكِنْ رُبَّ صَدِيقٍ إِنَّمَا هُوَ صَدِيقٌ بِالاِسْمِ. أَلاَ يُورِثُ الْغَمَّ حَتَّى الْمَوْتِ،

كل صديق يقول: «لي مع فلان صداقة»، لكن رب صديق إنما هو صديق بالاسم. ألا يورث الغم حتى الموت،

كُلُّ صَاحِبٍ وَصَدِيقٍ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْعَدَاوَةِ!

كل صاحب وصديق يتحول إلى العداوة!

أَيُّهَا الاِخْتِرَاعُ الْمُوبِقُ، مِنْ أَيْنَ هَبَطْتَ فَغَطَّيْتَ الْيَبَسَ خِيَانَةً؟

أيها الاختراع الموبق، من أين هبطت فغطيت اليبس خيانة؟

رُبَّ صَاحِبٍ يَتَنَعَّمُ مَعَ صَدِيقِهِ فِي السَّرَّاءِ، وَعِنْدَ الضَّرَّاءِ يُضْحِي لَهُ عَدُوًّا.

رب صاحب يتنعم مع صديقه في السراء، وعند الضراء يضحي له عدوا.

رُبَّ صَاحِبٍ لأَجْلِ بَطْنِهِ يَجِدُّ مَعَ صَدِيقِهِ، وَيَحْمِلُ التُّرْسَ فِي الْحَرْبِ.

رب صاحب لأجل بطنه يجد مع صديقه، ويحمل الترس في الحرب.

لاَ تَنْسَ صَدِيقَكَ فِي قَلْبِكَ، وَلاَ تَتَغَاضَ عَنْهُ وَأَنْتَ مُوسِرٌ.

لا تنس صديقك في قلبك، ولا تتغاض عنه وأنت موسر.

لاَ تَسْتَشِرْ مَنْ يَرْصُدُكَ، وَاكْتُمْ مَشُورَتَكَ عَمَّنْ يَحْسُدُكَ.

لا تستشر من يرصدك، واكتم مشورتك عمن يحسدك.

كُلُّ مُشِيرٍ يُبْدِي مَشُورَةً، لكِنْ رُبَّ مُشِيرٍ إِنَّمَا يُشِيرُ لِنَفْسِهِ.

كل مشير يبدي مشورة، لكن رب مشير إنما يشير لنفسه.

الْحَذَرَ لِنَفْسِكَ مِنَ الْمُشِيرِ، وَاسْتَخْبِرْ أَوَّلًا عَنْ حَاجَتِهِ؛ فَإِنَّهُ يُشِيرُ بِمَا يَنْفَعُهُ،

الحذر لنفسك من المشير، واستخبر أولا عن حاجته؛ فإنه يشير بما ينفعه،

لِئَلاَّ يُلْقِيَ الْقُرْعَةَ عَلَيْكَ، وَيَقُولَ لَكَ:

لئلا يلقي القرعة عليك، ويقول لك:

«سَبِيلُكَ حَسَنٌ»، ثُمَّ يَقِفَ تُجَاهَكَ يَنْظُرُ مَاذَا يَحِلُّ بِكَ.

«سبيلك حسن»، ثم يقف تجاهك ينظر ماذا يحل بك.

لاَ تَسْتَشِرِ الْمُنَافِقَ فِي التَّقْوَى، وَلاَ الظَّالِمَ فِي الْعَدْلِ، وَلاَ الْمَرْأَةَ فِي ضَرَّتِهَا، وَلاَ الْجَبَانَ فِي الْحَرْبِ، وَلاَ التَّاجِرَ فِي التِّجَارَةِ، وَلاَ الْمُبْتَاعَ فِي الْبَيْعِ، وَلاَ الْحَاسِدَ فِي شُكْرِ الْمَعْرُوفِ،

لا تستشر المنافق في التقوى، ولا الظالم في العدل، ولا المرأة في ضرتها، ولا الجبان في الحرب، ولا التاجر في التجارة، ولا المبتاع في البيع، ولا الحاسد في شكر المعروف،

وَلاَ الْجَافِيَ فِي الرِّقَّةِ، وَلاَ الْكَسْلاَنَ فِي شَيْءٍ مِنَ الشُّغْلِ،

ولا الجافي في الرقة، ولا الكسلان في شيء من الشغل،

وَلاَ الأَجِيرَ الْمُسَاكِنَ فِي إِنْجَازِ الشُّغْلِ، وَلاَ الْبَطَّالَ فِي كَثْرَةِ الْعَمَلِ. لاَ تَلْتَفِتْ إِلَى هؤُلاَءِ لِشَيْءٍ مِنَ الْمَشُورَةِ.

ولا الأجير المساكن في إنجاز الشغل، ولا البطال في كثرة العمل. لا تلتفت إلى هؤلاء لشيء من المشورة.

لكِنِ ائْلَفِ الرَّجُلَ الْتَّقِيّ؛ مِمَّنْ عَلِمْتَهُ يَحْفَظُ الْوَصَايَا،

لكن ائلف الرجل التقي؛ ممن علمته يحفظ الوصايا،

وَنَفْسُهُ كَنَفْسِكَ، وَإِذَا سَقَطْتَ يَتَوَجَّعُ لَكَ.

ونفسه كنفسك، وإذا سقطت يتوجع لك.

وَاعْقِدِ الْمَشُورَةَ مَعَ الْقَلْبِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكَ مُشِيرٌ أَنْصَحُ مِنْهُ،

واعقد المشورة مع القلب؛ فإنه ليس لك مشير أنصح منه،

لأَنَّ نَفْسَ الرَّجُلِ قَدْ تُخْبِرُ بِالْحَقِّ، أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةِ رُقَبَاءَ يَرْقُبُونَ مِنْ مَوْضِعٍ عَالٍ.

لأن نفس الرجل قد تخبر بالحق، أكثر من سبعة رقباء يرقبون من موضع عال.

وَفِي كُلِّ هذِهِ تَضَرَّعْ إِلَى الْعَلِيِّ، لِيَهْدِيَكَ بِالْحَقِّ فِي الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ.

وفي كل هذه تضرع إلى العلي، ليهديك بالحق في الطريق المستقيم.

الْكَلاَمُ مَبْدَأُ كُلِّ عَمَلٍ، وَالْمَشُورَةُ قَبْلَ الْفِعْلِ.

الكلام مبدأ كل عمل، والمشورة قبل الفعل.

الْوَجْهُ يَدُلُّ عَلَى تَغَيُّرِ الْقَلْبِ. أَرْبَعَةٌ تَصْدُرُ مِنَ الْقَلْبِ: الْخَيْرُ وَالشَّرُّ وَالْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ، وَالْمُتَسَلِّطُ عَلَى هذِهِ فِي كُلِّ حِينٍ هُوَ اللِّسَانُ.

الوجه يدل على تغير القلب. أربعة تصدر من القلب: الخير والشر والحياة والموت، والمتسلط على هذه في كل حين هو اللسان.

مِنَ النَّاسِ مَنْ هُوَ ذُو دَهَاءٍ، مُؤَدِّبٌ لِكَثِيرِينَ، لكِنَّهُ لاَ يَنْفَعُ نَفْسَهُ شَيْئًا.

من الناس من هو ذو دهاء، مؤدب لكثيرين، لكنه لا ينفع نفسه شيئا.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَدَّعِي الْحِكْمَةَ، وَكَلاَمُهُ مَكْرُوهٌ. فَمِثْلُ هذَا يُحْرَمُ كُلَّ قُوتٍ،

ومنهم من يدعي الحكمة، وكلامه مكروه. فمثل هذا يحرم كل قوت،

لأَنَّهُ لَمْ يُؤْتَ الْحُظْوَةَ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ، إِذْ لَيْسَ مِنَ الْحِكْمَةِ عَلَى شَيْءٍ.

لأنه لم يؤت الحظوة من عند الرب، إذ ليس من الحكمة على شيء.

وَمِنْهُمْ مَنْ حِكْمَتُهُ لِنَفْسِهِ، وَثِمَارُ عَقْلِهِ صَالِحَةٌ فِي الْفَمِ.

ومنهم من حكمته لنفسه، وثمار عقله صالحة في الفم.

الرَّجُلُ الْحَكِيمُ يُعَلِّمُ شَعْبَهُ، وَثِمَارُ عَقْلِهِ صَالِحَةٌ.

الرجل الحكيم يعلم شعبه، وثمار عقله صالحة.

الرَّجُلُ الْحَكِيمُ يَمْتَلِئُ بَرَكَةً وَيُغَبِّطُهُ كُلُّ مَنْ يَرَاهُ.

الرجل الحكيم يمتلئ بركة ويغبطه كل من يراه.

حَيَاةُ الرَّجُلِ أَيَّامٌ مَعْدُودَةٌ، أَمَّا أَيَّامُ إِسْرَائِيلَ فَلاَ عَدَدَ لَهَا.

حياة الرجل أيام معدودة، أما أيام إسرائيل فلا عدد لها.

الْحَكِيمُ يَرِثُ ثِقَةَ شَعْبِهِ، وَاسْمُهُ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ.

الحكيم يرث ثقة شعبه، واسمه يحيا إلى الأبد.

يَا بُنَيَّ، جَرِّبْ نَفْسَكَ فِي حَيَاتِكَ، وَانْظُرْ مَاذَا يَضُرُّهَا، وَامْنَعْهَا عَنْهُ.

يا بني، جرب نفسك في حياتك، وانظر ماذا يضرها، وامنعها عنه.

فَإِنَّهُ لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ يَنْفَعُ كُلَّ أَحَدٍ، وَلاَ كُلُّ نَفْسٍ تَرْضَى بِكُلِّ أَمْرٍ.

فإنه ليس كل شيء ينفع كل أحد، ولا كل نفس ترضى بكل أمر.

لاَ تَشْرَهْ إِلَى كُلِّ لَذَّةٍ، وَلاَ تَنْصَبَّ عَلَى الأَطْعِمَةِ.

لا تشره إلى كل لذة، ولا تنصب على الأطعمة.

فَإِنَّ كَثْرَةَ الأَكْلِ تَهِيضُ الآكِلَ، وَالشَّرَهَ يَبْلُغُ إِلَى الْمَغْصِ.

فإن كثرة الأكل تهيض الآكل، والشره يبلغ إلى المغص.

كَثِيرُونَ هَلَكُوا مِنَ الشَّرَهِ، أَمَّا الْقَنُوعُ فَيَزْدَادُ حَيَاةً.

كثيرون هلكوا من الشره، أما القنوع فيزداد حياة.