سفر يشوع بن سيراخ
(45) - الاصحاح الخامس والاربعون
مُوسَى كَانَ مَحْبُوبًا عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ، مُبَارَكَ الذِّكْرِ،
فَآتَاهُ مَجْدًا كَمَجْدِ الْقِدِّيسِينَ، وَجَعَلَهُ عَظِيمًا مَرْهُوبًا عِنْدَ الأَعْدَاءِ. بِكَلاَمِهِ أَزَالَ الآيَاتِ.
وَمَجَّدَهُ أَمَامَ الْمُلُوكِ. أَوْصَاهُ بِشَعْبِهِ، وَأَرَاهُ مَجْدَهُ.
قَدَّسَهُ بِإِيمَانِهِ وَوَدَاعَتِهِ، وَاصْطَفَاهُ مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ الْبَشَرِ.
أَسْمَعَهُ صَوْتَهُ، وَأَدْخَلَهُ فِي الْغَمَامِ.
أَعْطَاهُ الْوَصَايَا مُوَاجَهَةً شَرِيعَةَ الْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ، لِيُعَلِّمَ يَعْقُوبَ الْعَهْدَ، وَإِسْرَائِيلَ أَحْكَامَهُ.
أَعْلَى هَارُونَ الْقِدِّيسَ، نَظِيرَهُ أَخَاهُ مِنْ سِبْطِ لاَوِي.
جَعَلَ لَهُ عَهْدَ الدَّهْرِ، وَأَعْطَاهُ كَهَنُوتَ الشَّعْبِ. أَسْعَدَهُ فِي الْبَهَاءِ،
وَنَطَّقَهُ حُلَّةَ مَجْدٍ. أَلْبَسَهُ كَمَالَ الْفَخْرِ، وَأَيَّدَهُ بِأَدَوَاتِ الْعِزَّةَ:
السَّرَاوِيلِ وَالثَّوْبِ السَّابِغِ وَالأَفُودِ، وَجَعَلَ حَوْلَهُ الرُّمَّانَاتِ مِنْ ذَهَبٍ، مَعَ جَلاَجِلَ كَثِيرَةٍ مِنْ حَوْلِهِ،
لِيَرِنَّ صَوْتُهَا عِنْدَ خَطْوِهِ، لِيُسْمَعَ الصَّلِيلُ فِي الْهَيْكَلِ، ذِكْرًا لِبَنِي شَعْبِهِ.
وَأَعْطَاهُ الْحُلَّةَ الْمُقَدَّسَةَ مِنْ ذَهَبٍ وَسَمَنْجُونِيٍّ وَأُرْجُوَانٍ صَنْعَةَ نَسَّاجٍ حَاذِقٍ صُدْرَةَ الْقَضَاءِ، الَّتِي فِيهَا النُّورُ وَالْحَقُّ.
نَسِيجُهَا مِنْ قِرْمِزٍ مَشْزُورٍ، صَنْعَةُ عَامِلٍ حَاذِقٍ، وَعَلَيْهَا حِجَارَةٌ كَرِيمَةٌ كَنَقْشِ الْخَاتَمِ، مُرَصَّعَةٌ فِي الذَّهَبِ، صَنْعَةُ نَقَّاشِ الْجَوْهَرِ، مَنْقُوشٌ عَلَيْهَا أَسْمَاءُ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ ذِكْرًا.
وَكَانَ عَلَى الْعِمَامَةِ إِكْلِيلٌ مِنْ ذَهَبٍ، مَنْقُوشٌ عَلَيْهِ عُنْوَانُ الْقَدَاسَةِ. وَكَانَ زِينَةَ كَرَامَةٍ صَنْعَةَ بَرَاعَةٍ، تَعْشَقُهَا الْعُيُونُ لِحُسْنِهَا.
كُلُّ هذِهِ كَانَتْ فِي غَايَةِ الْجَمَالِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مَثِيلٌ فِي الدَّهْرِ.
لَمْ يَلْبَسْهَا إِلاَّ مَنْ هُوَ مِنْ عَشِيرَتِهِ، بَنُوهُ وَأَعْقَابُهُ فِي كُلِّ عَهْدٍ.
ذَبَائِحُهُ تُحْرَقُ بِالنَّارِ كُلَّ يَوْمٍ، مَرَّتَيْنِ بِلاَ انْقِطَاعٍ.
كَرَّسَ مُوسَى يَدَيْهِ، وَمَسَحَهُ بِالدُّهْنِ الْمُقَدَّسِ،
فَصَارَ ذلِكَ عَهْدًا أَبَدِيًّا، لَهُ وَلِذُرِّيَّتِهِ مَا دَامَتِ السَّمَاءُ، لِيَخْدِمَ لِلرَّبِّ، وَيُمَارِسَ الْكَهَنُوتَ، وَيُبَارِكَ شَعْبَهُ بِاسْمِهِ.
اصْطَفَاهُ مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ الأَحْيَاءِ، لِيُقَرِّبَ التَّقْدِمَةَ لِلرَّبِّ، الْبَخُورَ وَالرَّائِحَةَ الطَّيِّبَةَ، ذِكْرًا وَتَكْفِيرًا عَنْ شَعْبِهِ.
أَقَامَهُ عَلَى وَصَايَاهُ، وَأَعْطَاهُ سُلْطَانًا عَلَى عُهُودِ الأَحْكَامِ، لِيُعَلِّمَ يَعْقُوبَ الشَّهَادَاتِ، وَيُنِيرَ إِسْرَائِيلَ بِشَرِيعَتِهِ.
اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْغُرَبَاءُ وَحَسَدُوهُ فِي الْبَرِّيَّةِ، رِجَالُ دَاثَانَ وَأَبِيرَامَ وَجَمَاعَةُ قُورَحَ بِالْحِدَّةِ وَالْغَضَبِ.
نَظَرَ الرَّبُّ فَلَمْ يَرْضَ، فَأَبَادَهُمْ بِحِدَّةِ غَضَبِهِ.
أَجْرَى بِهِمْ عَجَائِبَ، وَأَفْنَاهُمْ بِنَارِ لَهِيبِهِ.
وَزَادَ هَارُونَ مَجْدًا، وَأَعْطَاهُ مِيرَاثًا. جَعَلَ لَهُمْ بَوَاكِيرَ ثِمَارِ الأَرْضِ،
وَهَيَّأَ لَهُمْ قَبْلَ غَيْرِهِمْ شِبْعَهُمْ مِنَ الْخُبْزِ. فَهُمْ يَأْكُلُونَ مِنْ ذَبَائِحِ الرَّبِّ، الَّتِي أَعْطَاهَا لَهُ وَلِذُرِّيَّتِهِ.
إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَرِثْ فِي أَرْضِ الشَّعْبِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ، لأَنَّهُ هُوَ نَصِيبُهُ وَمِيرَاثُهُ.
وَفِينْحَاسُ ابْنُ أَلِعَازَارَ هُوَ الثَّالِثُ فِي الْمَجْدِ، لأَجْلِ غَيْرَتِهِ فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ،
وَلأَنَّهُ قَامَ عِنْدَ ارْتِدَادِ الشَّعْبِ بِصَلاَحِ نَشَاطِ نَفْسِهِ، وَكَفَّرَ عَنْ إِسْرَائِيلَ.
لِذلِكَ أَعْطَاهُ الرَّبُّ عَهْدَ سَلاَمِهِ، لِكَيْ يَكُونَ إِمَامَ شَعْبِهِ فِي الأَقْدَاسِ، وَتَبْقَى لَهُ وَلِنَسْلِهِ عَظَمَةُ الْكَهَنُوتِ مَدَى الدُّهُورِ.
وَعَاهَدَ دَاوُدَ بْنَ يَسَّى مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، عَلَى مِيرَاثِ الْمُلْكِ مِنِ ابْنٍ إِلَى ابْنٍ فِي ذُرِّيَّتِهِ، كَالْمِيرَاثِ لِهَارُونَ وَنَسْلِهِ. لِيُعْطِيكُمُ الْحِكْمَةَ فِي قُلُوبِكُمْ، لِكَيْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ فِي شَعْبِهِ، فَلاَ تَزُولَ خَيْرَاتُهُمْ وَمَجْدُهُمْ مَدَى أَجْيَالِهِمْ.